مقياس:
ابستمولوجيا علوم الإعلام والاتصال
السنة الأولى ماستر: الاتصال الجماهيري والوسائط الجديدة
المحاضرة الأولى
إن غريزة المعرفة والفضول والاستكشاف مرتبطة فطريا بالإنسان، فهو دائما يريد أن يعرف ما هو وراء الأشياء المحسوسة التي يراها أمام عينه؟، وما هي أسباب حدوثها بهذا الشكل وليس بآخر؟، كما أنه يريد أن يعلم ما هو غير مدرك بالحس؟، وهي الأمور والمعاني المعنوية المجردة؟، مثل القيم والأخلاق وغيرها من الأمور غير المحسوسة، فالإنسان دائم البحث عن المعرفة وهو دائم التساؤل، ولعل المعرفة أو الإبستمولوجيا مبحثه الدائم في كل زمان ومكان، نحاول من خلال هذه المحاضرة التعرف على: مفهوم الابستمولوجيا (لغويا واصطلاحا)، وماهي مهامها؟.
أولا/مفهوم الابستمولوجيا:
ü لغويا: من الناحية اللغوية إبستمولوجيا Epistèmologie متكونة من كلمتين يونانيتين ابستمي
Epistemeومعناها علم، والثانية لوغوس Logie/Logosوهي بمعني علم أيضا، فهي إذن معناها اللغوي علم العلوم أو
الدراسة النقدية للعلوم، الإبستمولوجيا حرفيا هي نظرية المعرفة، وبوجه عام هي علم المعرفة، يعتم بدراسة طبيعة
المعرفة وحدودها يدور حول:
ما هي المعرفة؟
كيف نكسب المعرفة؟
ماذا نعرف؟ وكيف نعرف
أننا نعرف؟
إذن الإبستمولوجيا
هي
الدراسة النقدية للمعرفة العلمية من حيث المبادئ التي ترتكز عليها والفروض، التي
تنطلق منها والنتائج التي تنتهي إليها بغرض إبراز أصلها المنطقي وتحديد قيمتها
الموضوعية، إذن هي معرفة مبنية على تراكم من الدراسات والأبحاث، تختص ببحث العلاقة
بين الذات والموضوع.
ü اصطلاحا:
تعتبر الابستمولوجيا علما معرفيا حديث النشأة والتكوين إلى حد
ما، والابستمولوجيا تقوم على نقد المعارف العلمية بغية الإطلاع عن أسس هذه المعارف
والعلوم ونظرياتها وتبحث في تفسيراتها للظواهر، وكذا الحجج التي تقوم عليها هذه
التفسيرات، وهذا بالتركيز على المفاهيم والمقولات الأساسية والطرائق المنهجية،
التي تم الاعتماد عليها للوصول إلى نتائج يمكن تعميمها، هذا التعميم التي تعارضه
جل الأطروحات الإبستيمية على أساس أن العلم غير ثابت ودائم التطور والتغير، فضلا
عن الأخطاء التي يقع فيها الباحث أثناء قيامه بدراسته في أي علم من العلوم، فنتائج
الاختبار والتجارب غير يقينية دائما، فهي تحتمل ولو جزءا ضئيلا من الخطأ هذا الخطأ
الذي تتأسس عليه كثير من أبحاث وكتابات وجهود العلماء والمفكرين الابستمولوجيين.
ويشير
لوسيان Lucien Sfez، إلى أن الابستمولوجيا تقدم لنا صورة منسجمة للممارسات التي تحتويها،
وبطريقة أخرى الابستمولوجيا خطاب ربط لا يكون على شكل ملاحظة بسيطة للموجود ولكنه
يبحث عن الثوابت في مختلف الممارسات، وعرفها لالاند في معجمه الفلسفي للابستمولوجيا:" أنها الدراسة النقدية لمبادئ العلوم وفروضها
ونتائجها بغرض تحديد أصلها المنطقي وبيان قيمتها وحصيلتها الموضوعية".
ويمكن تعريف الابستمولوجيا تعريفا
دقيقا: هي تلك الأبحاث المعرفية، فلسفة
العلوم، نظرية المعرفة، مناهج العلوم، منظور إليها من زاوية علمية معاصرة أي من
خلال المرحلة الراهنة لتطور الفكر العلمي والفلسفي، كما أنها علم المعرفة التي
تختص ببحث العلاقة بين الذات والموضوع " إن الإنسان يبني معرفته بهذا العالم
من خلال نشاطه العلمي والذهني، والبناء الذي يعتمده الإنسان بواسطة هذا النشاط ما
نسميه بالعلم والمعرفة، "أما لفحص عملية البناء نفسها تتبع مراحلها، نقد
أسسها، وبيان مدى ترابط أجزائها محاولة البحث عن ثوابت صياغتها صياغة تعميمية،
محاولة استباق نتائجها"، فذلك ما يشكل موضوع الابستمولوجيا.
ثانيا/مهام
الابستمولوجيا
إن أهمية تدريس الابستمولوجيا تكمن في تحليل المعرفة العلمية
واستيعابها، واستخدام المعرفة من أجل حل المشكلات وهذا لاكتساب وبناء المعارف
(المنهجية)، فالابستمولوجيا تستهدف النظر في مختلف العلوم وإخضاعها للتقييم قصد
إبراز قيمتها الموضوعية ودقتها، فالمجال
الابستمولوجي يدرس:
1- مصطلحات العلم
الأساسية كالاستدلال والاستقرار، السببية، الحتمية....إلخ ومنطق العلوم ( المنهج
التجريبي).
2- مبادئ العلوم،
مناهجها ونتائجها.
3- يحدد متى تكون النظريات
علمية، كما يحدد الفرق بين العلم ومجالات التفكير الإنساني.
4- يهتم بدراسة
كيفية تطور العلوم هل هي يقينية أم ظنية أو احتمالية (نتائجه).
5- يوضح الفرق بين
مختلف العلوم من حيث المناهج والنتائج ( العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية
والإنسانية).
6- كما يبرز القيم
التي تفرزها الممارسة العلمية، مصدرها مختلف النظريات العلمية.
وتتمثل مهام الابستمولوجيا في النقاط
الرئيسية:
1- تعيين معيار قبلي لكل معرفة علمية.
2- تهتم بالبنية الداخلية للمعرفة: فما يميز
الابستمولوجيا هو العلاقات الداخلية والعلاقات الخارجية فالعلاقات الداخلية هي تلك
التي تشكل جزءا من محتوى (مضمون) المعرفة، والعلاقات الخارجية ربط المعرفة بقضايا
أخرى لا تخص مضمونها.
3- المهمة الوصفية: إعطاء وصف للمعرفة مثلما هي في
الواقع، فهي تهتم بالتساؤل حول الافتراضات الأولية المحتواة في منهج العلم (إعادة
البناء العقلاني للمعرفة).
4- المهمة النقدية: أن نسق المعرفة يخضع
للنقد، وهذا عن طريق إعادة البناء العقلاني أو ما يسمى بتحليل العلم.
5- المهمة الإرشادية: كونها مهمة ملموسة
ومحسوسة للبحث العلمي ( التحليل المنطقي)، فهذه المهمة بالغة القيمة العلمية.
أهم المراجع المعتمدة:
-
عبد الله ثاني محمد النذير، ابستمولوجيا علوم الإعلام والاتصال، منشورات
دار الأديب، 2017.
-
إيمان حرفوش، محاضرات ابستمولوجيا علوم الإعلام والاتصال، المحاضرة
الأولى، 2018.
- عطيات بلقاسم، قراءة في جهود أعلام الابستمولوجيا "
غاستون باشلار، كارل بوبر" أنموذجين، م 1، ع2، جوان 2019، مجلة التمكين
الاجتماعي، جامعة الأغواط.
-
فريد صغير عباس، بحوث علوم الإعلام والاتصال أي تموقع ابستمولوجي في ظل
الإعلام الجديد؟، ع 39/آبريل 2019، م 1، مجلة التراث.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق